الانتقاء في كرة السلة :
لاشك أن الوصول إلى المستويات الرياضية العالية في أية لعبة أو فعالية رياضية مرتبطا أساسا بالتخطيط العلمي السليم لها ، إذ أن مدة الإعداد والتدريب المرتبط بالتخطيط والذي قد يمتد سنوات عديدة تحقيقا لهدف الوصول بالرياضي إلى مستوى متكامل من الأداء الفني ، وهذا "لا يتم إلا من خلال اكتشاف الرياضيين المتميزين وانتقائهم ومنذ المراحل العمرية المبكرة لهم" (1) ، إذ يرى ( عزت محمود كاشف ) أن " الانتقاء الرياضي يخص مجموع الرياضيين المتميزين بالمواصفات الجسمية والبدنية والوظيفية والمهارية والنفسية والعقلية التي تعد قدرات ومواهب واستعدادات لممارسة هذه اللعبة أو تلك بما يتلاءم ورغبات الممارسين وقدراتهم خلال المراحل العمرية المحددة التي يقترحها المختصون " (2) .
وبما أن السلوك الإنساني يعتمد على كل الجوانب البدنية والوظيفية والنفسية والعقلية ، وهو نتاج طبيعي لمساهمات هذه الجوانب مجتمعة ، إذ تؤثر هذه الجوانب على سلوك الفرد ونشاطه اليومي ، لذلك اتجهت البحوث والدراسات للبحث عن العوامل التي تحدد الوصول إلى عملية تضمن من خلالها وصول الناشئ إلى قمة الأداء ، ولعل ذلك لا يتم بصورة واضحة إلا من خلال عملية الانتقاء والتنبؤ والتدريب على وفق الأسس العلمية الحديثة مع توافر الدافعية والنشاط والمثابرة ، فالانتقاء " عملية يتم خلالها اختيار افضل اللاعبين على فترات زمنية مبنية على المراحل المختلفة للإعداد الرياضي " (3).
كما يعرف الانتقاء بأنه " عملية مستمرة يتم من خلالها المفاضلة بين اللاعبين من خلال عدد كبير منهم طبقا لمحددات معينة ، بمعنى اختيار افضل اللاعبين في المجموعة المتاحة منهم من خلال الدراسة المتعمقة لجميع الجوانب المؤثرة في المستوى الرياضي اعتمادا على الأسس والمبادئ والطرائق العلمية " (1) .
ولعل من ابرز واجبات الانتقاء هو تحديد إمكانيات الناشئ التي لها صفة التنبؤ بالمستوى الرياضي الذي يمكن أن يصل إليه الناشئ في الوقت الافتراضي للبطولة ، لان التنبؤ هو التكهن بوقوع الأمر قبل وقته ، أي أن التنبؤ المسبق بالمستوى مهم جدا في عملية الانتقاء والتي تعد من " انسب الوسائل التي تأتى بأفضل الرياضيين من جميع النواحي البدنية والنفسية والوظيفية والاجتماعية " (2) ، والتي تساعد المدرب على بلوغ اللاعبين بكرة السلة أعلى المستويات مختصرا الوقت ومقللا للجهد والتكاليف .
ويعد موضوع التنبؤ أحد أساسيات عملية الانتقاء بصورة عامة وبكرة السلة بصورة خاصة والذي يجب أن يعتمد على وسائل علمية بحتة ضمانا لنجاح العملية التدريبية ، إن التنبؤ " تقدير قيمة متغير ما من
واحد أو اكثر من المتغيرات المستقلة" ( 3 ) ، وهو " معرفة مدى ما يمكن أن يحدث من تغير على ظاهرة ما أو سلوك ما " ( 4 ) .
ويعرف الباحث الانتقاء في كرة السلة بأنه العملية التي يتم من خلالها اختيار افضل اللاعبين في المرحلة العمرية ممن اجتاز الاختبارات الموضوعة للمؤشرات البدنية والمهارية والوظيفية والنفسية والعقلية وممن يتميز بمواصفات جسمية عالية المستوى من طول فارع ووزن متناسب مع الطول فضلا إلى كون نمطه الجسمي من النوع العضلي .
كما يعرف الباحث التنبؤ في كرة السلة بأنه إمكانية التعرف على قدرة اللاعب في الوصول إلى مستوى معين بدلالة القياسات الجسمية والصفات البدنية والقدرات الوظيفية والنفسية والعقلية والاجتماعية ومدى مساهمة كل منها في الأداء المهاري المطلوب بكرة السلة .
2-1-2 مراحل الانتقاء : (1) (2)
على الرغم من أن عملية الانتقاء تعتمد على ديناميكية الأعمار غير الثابتة والمتغيرة لكل مهارة على حدة والتي أظهرتها ودلت عليها مستويات المشاركين وأعمارهم في بطولات العالم والألعاب الأولمبية ، وبذلك يمكن تقسيم الانتقاء على ثلاث مراحل ذات مواصفات وأغراض متشابهة لكل مرحلة .
أما أعمار كل مرحلة من تلك المراحل فتحدده كل لعبة أو نشاط رياضي على حدة ، على ضوء طول المرحلة التدريبية الخاصة بأعداد اللاعب لتلك اللعبة أو الفعالية أو النشاط المهني من جهة ، ومن جهة أخرى العمر المناسب للاعب لتلك الأنشطة وفي ضوء ذلك يمكن تقسيم الانتقاء على مراحل :
أولا : مرحلة الانتقاء الأولى:
وهي مرحلة التعرف المبدئي على الناشئين الموهوبين وتهدف عادة إلى مراعاة ما يأتي :
أ – الحالة الصحية العامة : من خلال التأكيد على كفاءة الأجهزة الوظيفية في الجسم كجهاز القلب والدوران فضلا إلى اختبار وظائف الدم وكذلك التأكيد على خلو الجسم من الأمراض المستوطنة ، والتي لها مردود سلبي على الصحة العامة .
ب – النمط الجسمي : يلعب النمط الجسمي لكل لعبة أو مسابقة أو فعالية رياضية دورا إيجابيا كبيرا ، يستدعي قياس أنماط أجسام اللاعبين بحيث يتناسب كل نمط مع النشاط البدني المعني وذلك من خلال القياس المبدئي للأطوال والأوزان والأعراض والمحيطات والتي تمثل في تلك المرحلة دورا محددا حيث يمكن أن تتغير تلك القياسات والأنماط في المرحلة الثانية والثالثة
ج – الفروق الاجتماعية الخاصة بكل لاعب : تمثل الحالة الاجتماعية للاعبين المنتقاة دورا إيجابيا على تقدم المستوى ، حيث يلعب الاستقرار العائلي دورا مهما في استقرار اللاعب نفسيا وما لذلك من مردود إيجابي على الانتظام في التدريب من ناحية و إمكانية تحمله لجرعات التدريب من ناحية أخرى .
د – مستوى القدرات البدنية : من الأهمية بمكان قياس القدرات البدنية الأساسية كالقوة والسرعة والتحمل والمرونة والرشاقة والبدء بعمل السجلات الخاصة بتوثيق نتائج تلك القدرات للمتابعة في المرحلتين اللاحقتين للانتقاء .
ﻫ - اختبار السمات النفسية: وذلك من خلال إجراء الاختبارات الخاصة بقياس اتجاهات اللاعبين نحو الأنشطة الرياضية ومدى إقبالهم على التدريب المستمر وبالجرعات المحددة من المدربين فضلا عن اتصافهم بقدر كبير من الشجاعة والإصرار والمثابرة والثقة بالنفس وهي سمات نفسية لها تأثير إيجابي كبير على تقدم المستوى.
ثانيا : مرحلة الانتقاء التوجيهي :
تمثل مرحلة الانتقاء التوجيهي والتخصصي مرحلة يبدأ فيها توجيه اللاعبين المنتقين نحو تخصصاتهم بالنسبة للألعاب والفعاليات الخاصة بكل منهم اذ يقوم المدربون والفنيون بوضع الخطط التدريبية الخاصة بتلك المرحلة واجتيازها بنجاح في ضوء مواصفات المرحلة ومتطلباتها . بحيث يمكن تحديد أعمار اللاعبين ، بين (11-13) سنة لألعاب القوى ، وبين (10-11) للألعاب الفرقية والجمباز والسباحة من (6-7) سنوات ، وبذلك يمكن استمرار تلك المرحلة من ثلاث سنوات إلى أربع سنوات حتى يتمكن اللاعب من إظهار قدراته البدنية والمهارية والوظيفية والنفسية الأكثر صدقا وثباتا من المرحلة الأولى للانتقاء ….
وعلى ذلك يجب التأكيد على ما يأتي :
أ – الحالة الصحية العامة : يتم فيها متابعة الحالة الصحية العامة اللاعبين المنتقين دوريا وبعد كل فترة تدريبية ، للحيلولة دون وصول اللاعب إلى مرحلة التعب السريع الناتج عن التدريب الزائد وغير المناسب لقدرات اللاعبين .
ب – اختبارات القدرات الوظيفية الخاصة : ويتم ذلك من خلال ، قياس النبض الطبيعي بعد مجهود وبصفة مستمرة مع التسجيل ، قياس الحد الأقصى لاستهلاك الأوكسجين ومظاهاته بالمعدلات المناسبة لكل فعالية ، قياس حجم القلب النسبي ومظاهاته بمعدلات حجم قلوب الرياضيين ذوي التخصصات المختلفة .
ج – الحالة الاجتماعية الخاصة باللاعب : يتم التأكد من القائمين على العملية التدريبية على حالة الاستقرار الاجتماعي من حيث البيت ومعيشته والمدرسة ودراسته والغذاء وكميته والتكيف الذي يؤثر على مستوى تدريب اللاعب ونتائجه .
د – مستوى القدرات البدنية الخاصة : يتم التركيز على القدرات البدنية الخاصة حيث يكون لها تأثير إيجابي مباشر على تحسين مستوى الأداء من ناحية ومستوى الإنجاز من ناحية أخرى .
ﻫ - اختبار السمات النفسية للاعبين: تختلف السمات النفسية الخاصة باللاعبين في هذه المرحلة عن المرحلة السابقة إذ يؤخذ في الاعتبار الميول والدوافع والاتجاهات…. الخ .
ثالثا : مرحلة الانتقاء النهائي :
تعد المرحلة الحاسمة لتوجيه اللاعبين نحو تخصصاتهم الأكثر دقة فالمهاجمون في الألعاب المختلفة ينتقون على أساس مواقف كل منهم ، هذا جناح ايمن وذاك ايسر أو قلب هجوم وكذلك المدافعون وكذلك الحال للمسافات القصيرة والطويلة والمتوسطة في العاب القوى والسباحة يتحدد لاعبو كل مسافة على حدة ، فضلا عن تثبيت أوزان اللاعبين في الملاكمة والمصارعة والتي على أساسها يقوم النزال في البطولات المختلفة .
كذلك تتوقف بداية أعمار اللاعبين في تلك المرحلة على أعمار المرحلتين الأولى والثانية للانتقاء ، إذ يمكن تحديد أعمار لاعبي العاب القوى بين ( 14 – 15 ) سنة والألعاب الفرقية ما بين (15 – 18 ) سنة والجمباز والسباحة بين (10-14) سنة وبذلك يكفي تلك المرحلة من (3-4) سنوات حتى تتمكن الصفوة من اللاعبين المنتقين من تحقيق مستوى متميز لهم حيث يؤهلون بذلك إلى المستويات الرياضية العالية ،وعلى ذلك يجب مراعاة اختبارات العلاقة بين القدرات البدنية والوظيفية بالمستوى المهاري ، إذ يعتمد مستوى المهارة الفنية والخططية بشكل عام على مستوى كل من القدرات البدنية والوظيفية الخاصة بتلك المهارات .