يعتقد الكثير ان قطع مسافات طويلة اثناء التدريب في السباحة يؤدي الى تطوير الانجاز. وهذه الفكرة تولدت بسبب الحقائق التدريبية لرياضات اخرى مثل العاب الساحة والميدان وسباقات الدراجات.
اما الحقيقة العلمية فتؤكد ارتباط السباحة بمستوى الاداء المهاري اكثر من ارتباطها بمستوى اللياقة البدنية. وهنا يجب ان نناقش الاسباب..
فالماء يعمل كعنصر اساس في كون ان السباحة تختلف في متطلباتها عن بقية الالعاب الرياضية. فهو يبدد الكمية الكبرى من طاقة السباحين. فمع كل سحبة ذراع او ضربة رجل، تكون هناك مقاومة معيقة من قبل الماء تحاول ايقاف السباح.
ولتحويل النقاش الى لغة الارقا ، نضرب مثالا على الرياضي الذي يقف على الارض ويهم بالقفز الى الاعلى، فسيحتاج الى طاقة 10 كالوريس (على سبيل المثال)، تذهب 9 كالوريس منها لدفعه للاعلى بعيدا عن الارض، ويصرف 1 كالوري فقط ليغطي طاقة العمل العضلي الداخلي (وهو ما يحول الى طاقة حرارية داخلية يمكن تمييزها بالتعرق). في المقابل، عند وقوف السباح داخل حوض السباحة وهو يحاول البدء بقفزة للامام الاعلى والبدء بالسباحة (بالحركة)، فسيحتاج الى 10 كالوريس ايضا، يصرف 1 كالوري فقط لتحريك السباح الى الامام، في حين تفقد 9 كالوريس كطاقة ضائعة بسبب مقاوة الماء.
لذا فقد عبر احد الكتاب عن ان الماء هو وسط (محبط) للشخص الذي يحاول الانتقال خلاله، وخصوصية ذلك الوسط جعلت السباحة اللغز المحير والمختلف عن بقية الرياضات.
وعند مقارنة السباحة بالجري (الركض)، نلاحظ ان الراكض يقوم مع كل خطوة بدفع سطح صلب والانتقال بالطيران خلال وسط شفاف رقيق سهل. اما السباح، فهو يعمل مع كل حركة ذراع بالدفع ضد وسط مائع و كأنه لا ينتج سوى الدوامات، لينتقل خلال ذات الوسط (المائع) والذي يكون اكثف من الهواء بآلاف المرات.
ومن خلال الاحصائيات المتوفرة، نستطيع ان نؤكد ان الماء هو وسط مبدد للطاقة حيث وصلت الطاقة المفقودة لدى سباحي المستويات العالمية الى 91%، اي ان ذلك السباح يستفيد فعلياً من 9 كالوريس فقط من كل 100 كالوريس يفقدها جسمه. اما المبتدئين، فهم يستفيدون فعليا من 1–2 كالوريس فقط من كل 100 كالوريس يفقدونها، حيث تضيع البقية بمقاومة الماء لهم اثناء الحركة.
ومن تلك الحقائق، عمد المدربون العالميون وسباحو المستويات العليا الى تطوير الكفاءة المهارية، فقد تصل نسبة العمل على الاقتصاد بالجهد والتوافق العضلي العصبي ومهارة سحبات الذراعين وضربا الرجلين 70% من مجمل الوحدة التدريبية، في حين تحدد 30% فقط لتطوير القوة الخاصة والقابلية البدنية. اما السباحين المبتدئين فيجب ان تكون التقسيمة ذاتها ولكن بنسبة 90% للمهارة والسيطرة الحركية و10% فقط للقابلية البدنية.
وقد اثبتت الدراسات ان السباح الذي يقطع مسافة 400م سباحة بطيئة بزمن 10 دقيقة وهو يحاول ان يقلص الزمن الى 9 دقيقة، فيمكنه كسب 5-10 ثا عن طريق تطوير القابلية البدنية، في حين يمكنه كسب 50–55 ثا عن طريق التدريب على تطوير مهارته الحركية اثناء الانتقال خلال الماء.
ان مفهوم المهارة الحركية في السباحة ينقسم الى جزئين هما:
1. القدرة العالية على تقليل تأثير مقاومة الماء على الجسم اثناء الانتقال.
2. القدرة على زيادة ناتج قوى السحب والدفع الى الحد الاقصى.
حيث يعملان هذان الجزءان بنسب مختلفة لتحقيق الانجاز العالي. ويعد الجزء الاول هو الاهم للسباح.
مدرب السباحة محمود صالح