[الخطط التكتيكية، علمٌ واسع، وبحرٌ عميق]
كانت الخطط في السابق بسيطة جداً، ولا تهتم بالأمور الدقيقة والتفصيلية، بل وإن بعض الفرق تلعب بلا تخطيط... وماقاله الأسطورة البرازيلية بيليه عن خطط برازيل 1970 يدل على بساطتها ...
ولكن كأي شيء آخر فلا بد من التطوير ، وهذا ما حصل في عالم الكرة، حيث تطورت الخطط كثيراً وتنوعت مدارسها الكروية، مابين المدرسة الألمانية والإيطالية والبرازيلية وغيرها.. ولكل مدرسة أسلوبها الخاص ونهجها المتفرد.. فهناك المدرسة الدفاعية البحتة التي تلعب بها الفرق الإيطالية والمسماة ( كاتاناتشيو ) وهناك المدرسة التي تعتمد اعتماداً كلياً على التمريرات القصيرة واللعب الجماعي وهي كما هو معروف مدرسة هولندية خالصة تسمى بـ ( الكرة الشاملة ) وهناك المدرسة الإنجليزية التي تعتمد على التمريرات الطولية والعرضية بعيدة المدى .. والمدرسة البرازيلية أو اللاتينية بشكل عام وهي المدرسة التي تعتمد على المهارات الفردية لكل لاعب وفتح اللعب والهجوم مع عدم إغفال الجانب الجماعي .. وطريقة لعب المنتخب البرتغالي هو مثال ( أوروبي ) على المدرسة اللاتينية.
وسوف نستعرض في هذه السلسلة أهم الخطط الموجودة حالياً في الملاعب، وسنتحدث بشكل مفصل عن خطة 4-4-2 التقليدية و 4-4-2 الحديثة و 3-5-2 . ولكن قبل ذلك لا بد من وضع بعض الأساسيات التي يجب على لاعبي كرة القدم أن يكونوا ملمّين بها:
1- كيف تبعد الكرة من خط الدفاع.
2- كيف يعمل اللاعبون معاً لخلق المساحات الفارغة.
3- أين توجد المساحة وكيف تستغل.
4- ما المساحات التي سوف تهاجم من قبل الخصم.
5- أين تلعب الكرة في خط الهجوم.
6- ما هي طريقة الهجوم المستخدمة.
7- كيف يعمل اللاعبون معاً لاستغلال المساحات الفارغة.
8- ما هي المساحات المغطاة، والأخرى غير المغطاة.
9- ماذا يفعل المدافع إذا كانت الكرة قريبة منه.
10- ماذا يفعل المدافع إذا كانت الكرة بعيدة عنه.
11- كيف يعيد اللاعبون تنظيم خط الدفاع إذا تخطى المهاجم أحدهم.
مهم جداً التنظيم الأولي للفريق، بحيث ينتبه المدرب للخطة المناسبة لقدرات الفريق ، والتوظيف الأمثل للاعبين.. ولا بد من معرفة أن أي خطة سوف تستخدمها غالباً ما تطبق فيها أدوار متشابهة ولكن مع اختلاف صعوبة أو سهولة القيام بالوظائف المطلوبة حسب الخطة الموضوعة..
لذا فالمدرب الجيد ليس فقط من يضع الخطة الجيدة، بل من يختار الخطة الأفضل التي تظهر ميزات الفريق وتخفي عيوبه الموجودة.. ويجب أن يكون لديه الشجاعة لتجربة خطط مختلفة، أو حتى خلق خطة جديدة!.. ومهم جداً للمدرب أن يعرف الأمور التالية عن فريقه:
1- قدرات اللاعبين وقوتهم، فيعرف درجة مهارة اللاعبين وهل اللاعبين قادرين على امتلاك الكرة والتحكم بها، وهل هم قادرين على لعب 90 دقيقة.. هل خط الدفاع قوي لدرجة أن يلعب 3-4-3 ، أو أن خط وسطه هو الأفضل فيلعب 3-5-2.
2- من هو الخصم؟ وكيف يلعب... ما هي نقاط الضعف والقوة لديه، ما هو الخط الأقوى لديه...
3- ما هي التشكيلة المناسبة للخطة الموضوعة؟ هل تملك لاعبين مهاريين.. أو مهاجمين خطيرين.. أو صانع لعب متميز.. هذه الأمور تساعد في وضع الخطة المناسبة مثل الاعتماد على التمريرات القصيرة أو التسديد أو الهجمات المرتدة، وغيرها.
[أمثلة على الخطط المستخدمة في الملاعب الكروية]
:: خطة 4-4-2 التقليدية ::
استخدمت إنجلترا هذه الخطة لتحقق أول بطولة كأس عالم لها في 1966م.. تعتمد الخطة على وجود صانع لعب متقدم، يساند الهجوم ويوفر لهم الكرات للتسجيل..هذه الخطة من الخطط المشهورة في العصر الحديث، والنظرية الخاصة بها هي وجود لاعب في المنتصف يذلل العقبات الموجودة في وسط الملعب قبل أن يشارك كمهاجم ثالث في الثلث الهجومي..
:: خطة 4-3-3 ::
استخدمتها عدة دول في أمريكا الشمالية في السبعينات وهي من أشهر الخطط التدريبية.. وتصنف كخطة هجومية، حيث تعتمد على تواجد 3 مهاجمين في خط الهجوم، هذه الخطة التي تستعمل الليبرو دفاعية أكثر من خطة 4-2-4 ، وتشبه لحدٍ ما طريقة 4-4-2 ..
:: خطة 4-2-4 ::
خطة انتحارية! .... هذه الخطة هي الأكثر هجوماً من بين الخطط .. وقد طبقت في عصر الفتى الذهبي بيليه عام 1958م ولم يبلغ آنذاك السبعة عشر عاماً، وقد نجحت الخطة مع البرازيليين وقادتهم للفوز بكأس العالم لأول مرة في التاريخ.. تحتاج هذه الخطة إلى لاعبي وسط وهجوم ذوي مهارة وموهبة كبيرة، وتعتمد على الهجوم المبكر وامتلاك الكرة لفترات طويلة لأن الضغط على وسط ودفاع الفريق سيكون مميتاً في حالة امتلاك الخصم للكرة.
:: خطة 3-5-2 ::
في العصر الحديث يعتبر خط الوسط هو أهم خطوط الفريق، وهذا يفسر سبب شعبية طريقة 3-5-2، فالفريق الذي يكون خط وسطه ضعيف، تقل حظوظه في امتلاك الكرة وتسجيل الأهداف، لذا يلجأ بعض المدربين إلى زيادة عدد لاعبي الوسط، وعادة ما يستلم لاعبا وسط مهاماً دفاعية أكثر من اللاعبين الآخرين، هذه الخطة غالباً ما تستخدم في المنافسات الكبيرة، وتستخدمها الفرق المحترفة.. لذا فالمدرب الذي يريد استخدامها يجب أن يمتلك لاعبي وسط على قدر كبير من الموهبة..
:: خطة 3-6-1 ::
تستخدم بعض الفرق الألمانية هذه الخطة لمحاولة وضع العوائق أمام الفريق المنافس في خط الوسط واستخلاص الكرة منه، وعادة تلجأ إليها الفرق التي تريد التعادل.. لكن ربما تكون هذه الخطة خطيرة كما حصل للمنتخب الأمريكي في مونديال 1998 حين قدم عروضاً سيئة للغاية ولم يستطع سوى تسجيل هدف يتيم.
[نظرة على خطة 4-4-2]
ربما لا نبالغ إذا قلنا أن 4-4-2 هي أشهر خطة تدريبية على نطاق العالم.. وتستعملها فرق كثيرة جداً .. حيث أنها من الطرق المتوازنة بين الدفاع والهجوم.
قد يظن البعض أن تواجد مهاجمين فقط في خط الهجوم قد يقلل من فرص تسجيل الأهداف.. ولكن هذا الكلام ليس صحيحاً على الغالب، حيث أن لاعبي خط الوسط المتقدمين أو على الأطراف يتدخلون في حالة الهجمة لتتحول إلى خطة هجومية بحتة مدعمة بلاعبي الوسط، مما يساهم في زيادة فرص تسجيل الأهداف.
:: خط الدفاع ::
يستطيع المدافعون في هذه الخطة اللعب بطرق عديدة ،، ومنها:
- اللعب بطريقة Flat حيث يصطف المدافعون على خط واحد.
- اللعب بطريقة تقدم المساك أمام المدافعين، وتراجع الليبرو للخلف، مع وجود ظهيري جنب.
- اللعب بطريقة شكل القوس، حيث لا يوجد مساك، بل يوجد لاعبا ليبرو اثنين متراجعين.
- اللعب بطريقة 3 مدافعين على خط واحد، ويكون خلفهم لاعب الليبرو لتغطية أخطائهم.
وطبعاً كل خطة تختلف مسئولياتها عن الخطة الأخرى، وخط الدفاع في 4-4-2 يشبه لحد كبير دفاع 4-3-3. لكن مع اختلاف بسيط. وبشكل عام سوف يقوم أحد لاعبا الليبرو بوظيفة مراقبة رجل لرجل لأخطر مهاجمي الخصم.
:: خط الوسط ::
يتواجد لاعبان على جانبي الملعب (وسط أيسر وأيمن) وهنا تكون مسؤوليات هذان اللاعبان محددة مهما تغيرت طريقة ترتيب لاعبي الوسط (في أغلب الأحيان) ، حيث يقومان بالتغطية الدفاعية في حال تقدم الأظهرة، أو التقدم مع الهجمة، وتكوين مثلثات مع الأظهرة والمهاجمين.
أما لاعبي المنتصف فتختلف أماكنهما باختلاف الخطة.. ومنها:
- يتقدم أحد لاعبي الوسط ليلعب كصانع لعب وممول وداعم رئيسي للهجوم، فيما يتراجع الآخر ليعود كمحور مساند للدفاع ويغطي أخطاء الدفاع ويراقب بعض لاعبي الفريق.
- كذلك ممكن أن يلعب الفريق بمحورين، لزيادة المساندة الدفاعية، ويتقدم أحياناً أحدهم في حالة الهجمة، وفي هذه الحالة يلغى دور المساك، ويتولى المحوران هذه المهمة.
ومن الأشياء الضرورية تفاهم خط الوسط مع بعضهم، وكذلك تبادل المراكز بين لاعبي المنتصف في بعض أوقات المباراة، وتمويل المهاجمين بالكرات الطولية، فيما يتولى لاعبا الأطراف التمويل بالكرات العرضية.
:: خط الهجوم ::
يتكون من لاعبان، مهامهم واضحة في الغالب، حيث يحاولان اقتناص فرص التسجيل، ويجب أن يكون التفاهم بينهما كبيراً بحيث يعرف المهاجم أين ستكون خطوة زميله القادمة، ولا يبتعدان عن بعضهما لأكثر من 10 إلى 20 ياردة في الغالب.
من المهم كون المهاجمان سريعان ورشيقان، بحيث يتمكنان من الحركة بكرة أو بدون كرة ويتخلصان من الرقابة، كما أن صانع الألعاب يجب أن يساندهما دائماً، ولكن مهمة التسجيل هما المكلفان بها.